الخميس، 3 يونيو 2010

طب ازاي نخرج طفل الشارع من الشارع ؟

سؤال طرحته احد العاملات مع أطفال وبنات الشارع... جمعيتها بتحاول تجذبهم بكل الطرق الممكنة من فسح لأنشطة لدار إقامة لحياة كريمة لأكل وهدوم نضيفة لأنه يتحط في مدرسة خاصة لأنه يتعلم حرفة لأن يكون له مشروع وكل ده مش نافع... برضه بيرجع تاني للشارع بكل المخاطر اللي فيه على طريقة "أقر أنا المذكور أعلاه" لمحمد منير ! :-)

الموضوع فعلاً محير والسؤال مهم وعشان كده ده موضوع رسالتي ! ليه فيه أطفال بترجع للشارع وأطفال بتكمل برنامج التأهيل بالرغم انهم في نفس البرنامج ؟ وإيه الفروقات اللي بينهم تخليهم يتصرفوا بالطريقة دي ؟ وهل لو احنا عرفنا الفروقات دي نقدر نتكلم عن فئة من الأطفال "الواعدين" اللي الجمعية تكون متأكدة وهي مغمضة انهم هايكملوا معاها ؟ وهل ممكن نعرف صفات الأطفال "غير الواعدين" عشان الجمعية يا إما تعرف من الأول انهم مش هايكملوا معاها فماتضيعش وقت ومجهود معاهم يا إما تعرف إيه الصفة اللي مش مخلياهم واعدين فتحاول تركز علي اصلاحها أكتر من أي حاجة تانية ؟

والحقيقة ان مافيش دراسات حاولت تفهم الفروقات بين اللي بيكملوا برنامج التأهيل وبين اللي بيتراجعوا وانما فيه دراسات كتيرة درست الفروقات بين أطفال الشارع وصنفتهم لفئات كتيرة:

- فمثلاً اللي هرب للشارع عشان أبوه وأمه متطلقين مش زي اللي نزلت للشارع بعد اعتداء جنسي وقع عليها من بين محارمها... يعني فيه درجات من فداحة الدافع اللي بينزلهم للشارع وبالتالي لازم الجمعية تعرف كويس الأسباب الحقيقية ورا وجوده في الشارع عشان تدي كل واحد من دول المعاملة اللي تتناسب مع حجم الاضطراب اللي حصله..

-كمان فيه أطفال بتكون "حركة" أكتر وعندها قدرة أكبر لتكوين صدقات كتيرة في الشارع.. الأطفال دي لما تعد فترة طويلة في الشارع بيحصللها حاجتين... الأولى أنها بتبتدي تخلق لنفسها هوية جديدة مرتبطة بانتماءها للشارع... ولو خرجت منه كأنها بقت في بيئة غريبة ومجتمع غريب مش بتاعها وبالتالي بتحن له كل شوية لو خرجت منه وبتتمرد على قيم المجتمع الجديد... تاني حاجة بتحصلهم ان ثقتهم في قدرتهم على التعايش مع مجتمع الشارع بيصاحبها فقدان لثقتهم في نفسهم كناس يقدروا يعيشوا تاني في المجتمع العادي.. بمعني تاني، الهوية اللي بيرسموها لنفسهم كأطفال شارع بتفضل تزن على عقليتهم ونفسيتهم بأنهم مش هايقدروا ينجحوا في المجتمع العادي... حتى مع اشتراكهم في أنشطة كتيرة وبداية احساسهم بقيمة نفسهم إلا انهم نفسياً دايما بيتردد في نفسهم هاجس بأنهم مش هايقدروا يستمروا ناجحين كده... ودي حاجة لازم الجمعيات تركز عليها اهتمام كبير جداً أكتر من أي حاجة تانية لأنها السبب رقم واحد في ان الطفل دايماً بيكون حاسس بالغربة في المجتمع الجديد وحاسس دايم بالشك في قدراته على مواصلة نجاحه فيه...

- فيه أطفال تانية بيكون مجتمع الشارع مش بس هوية بالنسبة لها وانما كمان حبل ملفوف على رقبتها... بمعنى ان ممكن يكون نفسه يرجع للمجتمع العادي لكن الشلة أو العصابة أو الناس اللي بتسرحه أو بتشغله في الشارع مش هاتسيبه يعمل كده وهاتكون أول واحدة تتحد ضده وتمنعه من التردد على الجمعية... ودي برضه حاجة تانية لازم الجمعية تاخد بالها منها لأن الجمعية مش لازم تتعامل بس مع الطفل وانما تحاول تستدرج باقي شلته (بس مش لدرجة تودي نفسها في داهية) بأنها تحاول تدي مهام قيادية لزعيم المجموعة لو جه الجمعية وتديله بريستيجه وماتحاولش تكسر بشكل فجائي سيطرته ونفوذه ولا تهينه بشكل جارح قدام الأطفال التانيين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق