الثلاثاء، 26 أبريل 2011

اقتناص أصوات الناخبين في عشوائيات مصر ومحافظاتها

كنت قد تحدثت في تدوينة سابقة عن بعض الملامح الخاصة التي يمتاز بها الناخب المصري والآن أتحدث في هذه التدوينة عن كيفية مواءمة الأدوات الخام للدعاية الانتخابية مع هذه الطبيعة الخاصة للناخب المصري.

أولاً: فتش عن الصياد

عندما يقرر أحدهم الذهاب إلي رحلة صيد في منطقة مجهولة بالنسبة له، فإن اصطحاب أحد الصيادين الخبيرين بأحوال وطبيعة هذه المنطقة يصبح أمراً ضرورياً. وكذلك الحال فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية في مختلف المناطق الجغرافية: يجب على فريق الدعاية الاستعانة بأحد سكان المنطقة النشطين فيها والداري لطبيعتها ليكون هذا "الصياد" الذي سيساعد أعضاء الحملة على اقتناص أكبر عدد من أصوات الناخبين.

أين تجد الصياد ؟

لكن يبقى السؤال هو: كيف نجد هذا الصياد وما هي صفاته ؟ فلا يكفي أن يكون هذا الصياد أحد سكان المنطقة ليصبح صياداً جيداً وإنما يستحسن –لتعظيم المكاسب من الأصوات- أن تتوافر فيه احدي الشروط الإضافية التالية:






  1. أن يكون من زعامات المنطقة: ففي أي منطقة جغرافية هناك زعامات تقليدية (كبير العائلة، كبير القبيلة، العمدة، شيخ المجالس العرفية، شيوخ المساجد... إلخ) وزعامات حديثة (مسئولي الجمعيات الخيرية، قلة من السكان المتعلمين أو الجامعيين، الناشطين بالنقابات المهنية والعمالية... إلخ). ويعتبر الاتصال بهذه الزعامات والاستعانة بها مفتاحاً هاماً لاقتناص أصوات الناخبين في العديد من المناطق الجغرافية في مصر.


  2. أن يكون هو نفسه لديه شبكة علاقات واسعة مع أهالي المنطقة: فالجمعيات الخيرية العاملة في العديد من المناطق الفقيرة أو النوادي الثقافية والاجتماعية التي تقدم خدماتها في العديد من المناطق الراقية تمتلك قوائم طويلة بأعضائها يمكن أن يتم الاستفادة منها بشكل كبير للوصول لقاعدة أكبر من أصوات الناخبين.


  3. أن يكون من ذوي الثقة لأهالي المنطقة: فهناك عدد من الزعامات أو الجمعيات التي قد يستحسن الابتعاد عنها نظراً لسوء سمعتها أو لخلافاتها الكثيرة والمتكررة من العديد من الأطراف بالمنطقة.


صيادو الأصوات بالمناطق العشوائية

تكمن أحد المشاكل الرئيسية في المناطق الشعبية في عدم وجود أي خريطة جغرافية للمنطقة تمكن متطوعي الحملة من تقسيم المنطقة إلى عدة أقسام واستخدام أداة طرق الأبواب في تدريجياً في كل قسم منهم على حده. كما أن أي وجه جديد وغير مألوف في المناطق العشوائية عادة ما يتم رصده بسرعة ولا يتم التعامل معه بنفس اليسر الذي يتم به التعامل مع سكان المنطقة الأصليين.

لذلك تحضرني في هذا المقام تجربة رائدة لإحدى الجمعيات التنموية (جمعية صحبة خير) في منطقة اسطبل عنتر (بالقرب من المعادي) التي استطاعت بمساعدة "صيادي المنطقة" رسم خريطة جغرافية تقريبية للمنطقة (التي هي أشبه بالجبل المليء بالحواري الجانبية والممرات الضيقة) بل وتمكنت من التغلب على عنصر الريبة أو الشك التي قد يحيط بمتطوعيها من خلال اصطحاب "صيادي المنطقة" (الذين غالباً ما كانوا قلة من السكان المتعلمين الذين يحظون بثقة الأهالي) لدي كل جولة على بيوت المنطقة، ليس فقط من اجل الحديث مع السكان وتعريفهم بنشاط الجمعية وإنما أيضاً لإجراء أول استبيان يرصد بدقة الحالة الاجتماعية والاقتصادية للسكان ويرصد إمكاناتهم ومؤهلاتهم البشرية من أجل استغلالها في مشروع تنموي للنهوض بالمنطقة بالاعتماد الذاتي على جهود سكانها.

كما انه وبعيداً عن تجربة اسطبل عنتر، هناك فريق عمل ضخم ومتشعب يمكن الاعتماد عليه كـ"صياد للأصوات" في العديد من المناطق العشوائية في مصر والتي تضم (وان كانت لا تقتصر على) منطقة منشية ناصر وبولاق الدكرور وعزبة الهجانة ووراق العرب وذلك لتشعب علاقاته وقوتها مع العديد من سكان المنطقة... فريق العمل هذا هو فريق البرنامج المصري الألماني للتنمية بالمشاركة في حضر مصرThe Egyptian-German Participatory Development Programme in Urban Areas.


صيادو الأصوات بالمحافظات

إن كان فريق عمل "صحبة خير" قد قدم لنا نموذجاً فريداً وتجربة رائدة في التواصل الصحي مع سكان العشوائيات، فإن تجربة مشابهة للتواصل مع سكان المناطق الشعبية قد وسع نطاقها لتشمل أقاليم ومحافظات مصر الأخرى من خلال جمعية نهضة مصر المحروسة التي أسسها إيهاب عبده. وبالتالي فمن المهم جداً لمتطوعي الحملات الانتخابية عند قيامهم بحملات طرق الأبواب أو إقامتهم لمؤتمرات شعبية أو استخدامهم لأداة بنوك التليفون في محافظات محددة، أن يستعينوا بالانتشار الجغرافي المتوافر بالفعل لدي هذه الجمعيات من أجل الوصول لعدد أكبر من الناخبين.

وقد نضيف أيضاً على جمعية مصر المحروسة، الجمعيات التي تتميز بانتشارها الجغرافي الواسع في العديد من محافظات الجمهورية مثل جمعية رسالة وجمعية مصر الخير. كما يمكن الاستعانة بقاعدة البيانات التي أنشأها مشروع "مجتمعنا" بالجامعة الأمريكية -والذي يعمل كحلقة وصل بين مؤسسات المجتمع المدني في مختلف محافظات مصر- لتحقيق أكبر قدر من الانتشار الجغرافي.

ولا ينبغي أن يكون التواصل مع أهالي المناطق المستهدفة تواصل أحادي الجانب (بمعني أن يقتصر على تمرير رسالة الحملة للأهالي) وإنما ينبغي أن يكون في الاتجاهين بمعنى أنه في كل مرة قبل نزول المتطوعين إلى أي منطقة مستهدفة، يجب أن يتم تنظيم جلسات مطولة لهم مع العاملين بالجمعيات من أجل تفهم طبيعة المنطقة والمشاكل التي قد تعاني منها وذلك من أجل ثلاثة أغراض:





  • أولهما: هو معرفة ما ينبغي التركيز عليه من البرنامج الانتخابي عند مخاطبة الأهالي


  • ثانيها: معرفة خريطة القوي السياسية ونفوذ مرشحي التيارات الأخرى في هذه المناطق لتوضيح ما يتميز به مرشح الحملة عما يقدمه المرشحين الآخرين أصحاب النفوذ في هذه المنطقة


  • ثالثها: إدراج هذه الاحتياجات التي تمتاز بها المنطقة في ملف يستعين به المرشح فيما بعد عند تناوله لمشاكل هذه المنطقة أو إقامته لمؤتمر شعبي فيها.


صيادو الأصوات في الريف في مقابل المدن

يختلف ريف المحافظات عن مدنها في كون نسبة المشاركة والتصويت في الانتخابات في الريف أعلى منها في الحضر ويرجع ذلك لكون الخدمات تأتي بشكل أيسر في المدن أكثر منها في الريف حيث يعتبر المرشح البوسطجي الوحيد الذي سينقل الطلبات للمسئولين (1). كما تزداد صعوبة المعركة الانتخابية في الريف عنها في المدن حيث يستلزم فوز أي مرشح في المناطق الريفية مجهوداً مضاعفاً عن المجهود الذي يبذله أي مرشح آخر في منطقة غير ريفية. فوفقاً لأحد الدراسات أيضاً، لا يحتاج المرشح الواحد في المدن الكبرى سوى لـ 2000 أو 3000 صوت للفوز أو لضمان الدخول في الجولة الثانية بينما يحتاج مرشح الدوائر الريفية إلى 10.000 أو 15.000 صوت لتحقيق نفس النتيجة (2).

لذلك فينبغي أن يدرك متطوعي الحملات الانتخابية أن المجهود المطلوب منهم هو ضعف المجهود المطلوب من زملاءهم في المناطق الحضرية وأنه لا ينبغي الاعتماد فقط في هذه المناطق على الجمعيات وحدها بل عليهم الاستعانة بالإضافة على ذلك بالزعامات التقليدية مثل كبراء العائلات والعشائر (خاصة في الصعيد حيث يزداد دورهم ونفوذهم كما أوضحت في تدوينة سابقة) أو شيوخ المجالس العرفية وشيوخ المساجد.



-------------------------------------------------------------





مراجع:
(1) سارة بن نفيسة وعلاء الدين عرفات، الانتخابات والزبائنية السياسية في مصر، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 2005، ص 47.

(2) نفس المرجع السابق.



-----------------------------------------------------------



موضوعات اخرى ذات الصلة:







الجمعة، 22 أبريل 2011

بعض ملامح الناخب المصري قبل وبعد 25 يناير

تعتبر أدوات الدعاية الانتخابية من المبادئ المعروفة لدي أغلب العاملين في هذا المجال بحيث يمكننا القول أن معرفتها ليست معضلة. غير أن الكثير من هذه الأدوات –في حالتها الخام أو بالطريقة التي يصفها الكتاب- قد لا تكون صالحة للتواصل مع جماهير العديد من المناطق الجغرافية أو البيئات في مصر إلا إذا تم تطويعها بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة سكان كل منطقة وخصائصهم الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن مستواهم التعليمي والثقافي. لذا فإن عملية المواءمة بين الأدوات الخام للدعاية الانتخابية وطبيعة كل منطقة هو بالتحديد ما سنهتم به في هذا القسم.


ثقافة الناخب المصري قبل 25 يناير

إذا كنا قد سبق وتحدثنا في تدوينة سابقة عن أدوات الدعاية الانتخابية، فانه من المهم أيضاً –وقبل الحديث عن كيفية مواءمة هذه الأدوات مع طبيعة الناخب المصري- أن نتناول ولو بصورة سريعة طبيعة هذا الناخب وطريقة تعامله مع العملية الانتخابية وذلك خلال الفترة السابقة لـ 25 يناير والتي قد تحتاج لفترة طويلة قبل أن تطرأ عليها تغيرات جذرية.


1- الناخب المصري بين السياسة والخدمات

لم يكن من عادة أغلب الناخبين المصريين قبل 25 يناير اعتبار الانتخابات التشريعية ساحة للتعبير عن رأيهم السياسي فبالنسبة لشريحة عريضة من الناخبين المصريين، الرأي السياسي شئ والانتخاب شئ آخر: الأول يتم في ساحات أخري غير الساحات السياسية الرسمية أما الثاني فيعتمد على ما "يفعله" المرشح أو "يعد بفعله" من خدمات سواء كان ذلك قبل الانتخابات أو أثناء الحملة الانتخابية (1).

والحقيقة أن انشغال الناخب المصري بما سيقدمه مرشح مجلس الشعب من خدمات أكتر من اهتمامه بتوجهات المرشح السياسية أو الأيديولوجية لا يرجع إلى سطحية الناخب بقدر ما يرجع إلى الاختلال المتعمد الذي أدخله نظام السادات في 1979 على الهيكل السياسي والإداري للدولة المصرية. فالأصل أن توفير الخدمات عادة ما يدخل ضمن اختصاصات نواب المجالس المحلية بينما يترك أمر السياسيات العامة للدولة على المستوي الداخلي والخارجي لنواب مجلس الشعب. لكن نتيجة لسلسلة من الإجراءات الحكومية التي أدخلها السادات-والتي ومازالت مستمرة معنا حتى اليوم- والتي سعت لإضعاف نواب المجالس المحلية، تم نقل تركة المجالس المحلية (والمتركزة على توفير الخدمات) إلى نواب مجلس الشعب بغرض إلهائهم عن دورهم السياسي.

بمعنى آخر، لم يحدث في تاريخ مصر ومنذ انقلاب 1952، أن اهتم الناخب المصري بالتوجه السياسي لمرشحه في مجلس الشعب سوي لمدة 3 سنوات في الفترة من 1976 وحتى 1979. حيث أجريت في 1976 انتخابات تشريعية بعد سلسلة من الإصلاحات التي أعطت المجالس الشعبية (أو المحلية) سلطات حقيقية، الأمر الذي ساهم في تخفيف ما كان يقع على نواب مجلس الشعب من أعباء ومهام محلية ليتفرغوا لمهامهم القومية المتمثلة في مراقبة بل والاشتراك في وضع سياسيات عامة للدولة على المستوى الداخلي والخارجي... واستمر ذلك حتى 1979 عندما وجد السادات أن المحليات بدأت تمارس سلطات واسعة وأن نواب الشعب بدأ دورهم السياسي في التصاعد والظهور فقام بإصلاح مضاد في السلطة المحلية بهدف إعادة دور نواب الشعب إلى ما كان عليه أي شغلهم من جديد بالمهام المحلية وتوفير الخدمات (2) .


2- الناخب المصري والعصبيات


في دراستها التحليلية للانتخابات برلمان 2000، رصدت إحدى الباحثات أن 399 من إجمالي 444 نائب برلماني اعتمدوا في فوزهم على رابطة الدم والعشائرية والعائلات (3) . وحسبما أظهرت الإحصائية فإن هذه الظاهرة متواجدة بصورة أكبر في ريف الصعيد منها في ريف الدلتا. غير أن الدراسة عادت وأكدت أن العصبيات التقليدية (كون المرشح ابن الدائرة) وحدها لا يمكن أن تكون ضامن للفوز إلا إذا أضيف إليها عصبيات جديدة سياسية، مهنية، أو نقابية (مثل أن يكون لديه شبكة قوية من العلاقات النقابية، والمهنية ...) (4).

ويرجع السبب الرئيسي في ظاهرة العصبيات في الصعيد إلى وجود ما يسمي "بأزمة التوغل" crise de pénétration . وتعتبر هذه الأزمة واحدة من ضمن مجموعة من الأزمات التي تواجهها السلطات في الدول النامية (5) وتعني أن الدولة تكون غير قادرة على التوغل أو على فرض سيطرتها على بعض المناطق الجغرافية الواقعة ضمن حدودها إما نتيجة للطبيعة الجغرافية لهذه المناطق أو لوجود عدد من مراكز القوي الأخرى في هذه المناطق تجعل من ممارسة الدولة لدورها أمراً صعباً.

ونتيجة لكون العائلات والعشائر تلعب دوراً هاماً في العديد من مناطق الصعيد بل ونتيجة لكون الدولة قد اعتمدت عليها أساساً في التسعينات للقضاء على الجماعات المتشددة في جنوب الصعيد (بعد أن فشلت منفردة في القيام بذلك)، فقد ترسخ نفوذ العصبيات القبلية ودورها في الحياة السياسية المصرية بل وأصبحت من ضمن العوامل المهمة التي يجب مراعاتها في العملية الانتخابية.


3- الناخب المصري والتيارات الدينية


استمراراً لرؤية قطاع عريض من الناخبين المصريين لنائب مجلس الشعب كمقدم محتمل للخدمات، يري قطاع عريض أيضا من الناخبين أن عليه رد الجميل للمرشحين أصحاب التوجهات الدينية -واللذين عادة ما تربطهم علاقات وثيقة بالجمعيات الخيرية الإسلامية- لكونهم قد قدموا خدمات بالفعل لأهالي الدائرة وليس "وعود بخدمات" كغيرهم من المرشحين (6) . وغني عن الذكر أن رد الجميل في هذه الحالة يأتي عن طريق التصويت للمرشح الإسلامي -الذي عادة ما تساعده قدرة الجمعيات الخيرية الإسلامية في القرى والمحافظات على جمع التبرعات وتقديم الخدمات- وذلك بغض النظر عن توجهاته الإيديولوجية أو السياسية.


بعد 25 يناير، هل تتغير ثقافة الناخب المصري ؟


بعد 25 يناير، أصبحت أخجل من تقديم توقعات عما يمكن أن يفعله أو ألا يفعله المواطن المصري. فحتى الساعات الأولى من يوم 25 يناير كانت رؤيتي السابقة للحركات الاحتجاجية والأعداد الهزيلة التي تساندها توحي بأن اليوم سيمضي مثله مثل غيره : مقتصراً على حفنة من النشطاء دون تأييد حقيقي من جموع الشعب. وأعترف أن الأحداث المتوالية كانت بمثابة صفعة قوية أعجزتني عن التفكير ووضعتني أمام حقيقة "إني مش فاهمة حاجة وان قدرتي على فهم المواطن المصري وثقافته السياسية صفر".

ومن ثم، وإجابة على سؤال "هل تتغير ثقافة الناخب المصري بعد 25 يناير؟"، فأنا ادعي أن كل ما سيأتي في الجدول التالي من مقارنة بين ما كانت عليه ثقافة الناخب قبل 25 يناير وما من المنتظر أن تئول إليه بعد الثورة، ما هو إلا محض تكهنات وتوقعات نظرية قد لا تمت للواقع بشيء.

po culture- electeur jan 25

ختاماً، تحدثت في تدوينة سابقة عن الأدوات الخام للدعاية الانتخابية، ثم تناولت بشكل سريع في التدوينة الحالية طبيعة الناخب المصري ورؤيته وطريقة تعامله مع العملية الانتخابية. في التدوينة القادمة بإذن الله أتناول كيفية مواءمة الأدوات الخام للدعاية الانتخابية مع الطبيعة الخاصة التي تتميز بها ثقافة الناخب المصري.









-----------------------------









  1. سارة بن نفيسة وعلاء الدين عرفات، الانتخابات والزبائنية السياسية في مصر، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 2005، ص63.




  2. سارة بن نفيسة، مرجع سابق، ص140-141.




  3. سارة بن نفيسة، مرجع سابق، ص 61.




  4. سارة بن نفيسة، مرجع سابق، ص 181.




  5. والتي تناولها بالتفصيل Bertrand Badie في كتابه عن الدولة المستوردة L’État importé : L’occidentalisation de l’ordre politique.




  6. سارة بن نفيسة، مرجع سابق، ص 185.



  7. http://www.almasryalyoum.com/node/408919

الجمعة، 1 أبريل 2011

ألف باء تكنيكات دعاية انتخابية ونزول الشارع

توكل مهمة الدعاية الانتخابية لـ 3 لجان رئيسية داخل فريق الحملة : لجنة التسويق والعمل الميداني، اللجنة الإعلامية واللجنة التقنية، تساعدها في ذلك -وبشكل تكميلي- لجنتين: لجنة التطوع و لجنة التمويل. وعادة ما تعتبر أدوات الدعاية الانتخابية من المبادئ المعروفة لدي أغلب العاملين في هذا المجال بحيث يمكننا القول أن معرفتها ليست معضلة.






غير أن الكثير من هذه الأدوات –في حالتها الخام أو بالطريقة التي يصفها الكتاب- قد لا تكون صالحة للتواصل مع جماهير العديد من المناطق الجغرافية أو البيئات في مصر إلا إذا تم تطويعها بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة سكان كل منطقة واحتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن مستواهم التعليمي والثقافي. وهو ما تناوله في قسم لاحق بعنوان : الدعاية الانتخابية الموجهة في مصر.






قاعدة المداخل السبعة:






تشير الدراسات الحديثة في مجال الحملات الانتخابية إلى أن الناخب لا يبدأ عادة في التعامل بشكل جدي مع رسائل أي حملة انتخابية إلا بعد تلقيه لهذه الرسائل من سبع مصادر أو بسبع طرق مختلفة. لذلك فإن المطلوب من فريق الدعاية الانتخابية هو استخدام كافة الأدوات المتاحة في الدعاية الانتخابية وعدم المبالغة في الاعتماد على أحدها بشكل كلي إذا ما أراد فريق الحملة أن يتعامل الناخب مع رسائله بجدية.






ويمكن تلخيص أدوات الدعاية الانتخابية بشكل سريع في الآتي:






1- أداة طرق الأبواب: وتقوم بموجبها لجنة التسويق والعمل الميداني بالتنسيق مع لجنة المتطوعين باختيار يوم أو أسبوع يتم فيه نشر عدد كبير من متطوعي الحملة بصورة مكثفة في مناطق سكنية محددة. ويتم يومها صباحاً الاجتماع بالمتطوعين وتزويد كل منهم بخريطة مبسطة توضح الشوارع التي سيقوم بتغطيتها، وأهم نقاط القوة في برنامج المرشح ونقاط الضعف في المنافسين كما يتم توجيه المتطوع بخصوص طريقة الرد على أسئلة الناخب فيما يثار ضده من المرشحين المنافسين. ويطلب من كل متطوع بعدها الاتجاه في صحبة متطوع آخر للشوارع المبينة في الخريطة الخاصة به من أجل إطلاع الناخب بشكل سريع ومبسط على برنامج المرشح. وفي حالة عدم وجود احد في المنزل أو عدم رغبة الساكن في فتح الباب، يترك المتطوع "فلاير" المرشح على باب البيت.






وقد تصبح هذه الآلية غير ذات جدوى في مصر إذا لم يتم مواءمتها مع الواقع المصري الذي سيعتبرك فيه أغلب السكان "مجرد مندوب إعلانات" حتى وإن حاولت نفي ذلك من وراء الباب الذي غالباً ما سيكتفي الساكن بالنظر من عينه السحرية مع الاعتذار بلباقة (أو بأشياء أخرى) عن فتحه. لذلك فمن المهم عند القيام بهذه الحملات اصطحاب احد "صيادي" أو "قانصي الأصوات" في المنطقة وهم الأشخاص الذين سنتحدث عن مواصفاتهم عندما يأتي الحديث عن طريقة اقتناص الأصوات في أقاليم مصر المختلفة.






2- خدمة البنوك التليفونية والرسائل القصيرة: على خلاف أداة طرق الأبواب التي تستهدف مناطق جغرافية محددة، تستهدف أداة البنوك التليفونية فئات اجتماعية أو مهنية أو سنية معينة. وتقوم لجنتي التسويق والمتطوعين بموجب هذه الأداة، بتحديد أيام معينة من كل أسبوع يجتمع فيها متطوعي الحملة في أحد مقرات الحملة لعدد معين من الساعات ويتفرغون لتأدية نفس المهمة الموكلة لمتطوعي "طرق الأبواب" ولكن من خلال الاتصال الهاتفي بقائمة موجهة من الناخبين أو عن طريق الرسائل الصغيرة.






وهذه الطريقة وإن كانت ممكنة في الكثير من الدول الغربية لعدم صعوبة الحصول على قائمة بأسماء وتليفونات الناخبين، فإن إمكانية تطبيقها في مصر بصورتها الخام ربما لا تكون ممكنة إلا في حالة الاستعانة بشبكة من العلاقات مع الجمعيات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى والتي غالباً ما تمتلك قوائم متكاملة بأعضائها العاملين وأرقام تليفوناتهم. وهو ما سنتناوله بصورة أكثر تفصيلاً عندما يأتي الحديث عن التشبيك مع صائدي الأصوات في الدعاية الانتخابية.






3- بادجات المواصلات العامة: تعتبر البادجات الدعائية campaign buttons من أحد الأدوات المستخدمة منذ زمن طويل في العديد من الحملات الانتخابية الأمريكية. وعادة ما تطبع صورة للمرشح أو لرمز الحزب علي البادجات مع إحدى الجمل أو الشعارات القصيرة التي تعبر عن هوية الحزب أو عن أحد أهم مطالبه التي تميزه عن الآخرين بحيث يتم بيعها بثمن رمزي خلال مؤتمرات الحزب الشعبية واستخدامها كأحد وسائل تمويل الحملة.






غير أن البادجات الدعائية ربما قد لا تلقى رواجاً في مصر وقد لا تساعد إلا بشكل محدود جداً في تمويل الحملة. لكن إذا أعيد استخدامها بطريقة أخرى قد تساعد في ترويج الحملة لدى المزيد من الناخبين. فمثلاً تصنيع أعداد كبيرة منها بسعر الجملة وتوزيعها بدون مقابل في وسائل المواصلات العامة قد يعتبر مدخلاً لتعريف عدد كبير من الناخبين بالحملة في شكل لفتة طيبة. وستقتصر مهمة المتطوع في هذه الحالة –تجنباً لإضافة عنصر آخر لقائمة مصادر الإزعاج الموجودة في المواصلات كالباعة الجائلين والحالات الإنسانية وتبرعات الجوامع والأدعية الجماعية- على توزيع البادجات على الركاب دون مقابل وبدون أي تطرق لبرنامج المرشح على الركاب وبدون إهدار لـ"فلاير" الحملة الذي غالباً ما سيطويه الراكب ويتخلص منه في أقرب سلة مهملات (ده إذا كان لسة مارماهوش من الشباك). وتتولى مسؤولية هذه الأداة لجنتي التسويق والمتطوعين بدعم من لجنة التمويل.






4- مؤتمرات الشعب لا المؤتمرات الشعبية: لسنا بحاجة إلى تعريف المؤتمرات الشعبية التي تجوب مختلف المحافظات فهي أداة ذائعة الانتشار في العالم كله بما فيه مصر. غير أن طريقة التعامل مع هذه المؤتمرات هي التي تجعل من بعضها نجاحاً وتجعل من البعض الآخر مجرد كلام وتبديد للمجهود والمال. لذلك نزعم أن هناك 5 عناصر أساسية لنجاح أي مؤتمر شعبي:











  • أولها، هو أن يكون "الشعب" هو المتحدث الرئيسي وليس المرشح بمعنى أن المرشح في كلمته –التي يجب ألا تزيد مدتها بأي حال من الأحوال عن ثلث المدة المخصصة للمؤتمر- يجب ألا يعطي الأولوية لما يريد هو الحديث عنه بل لما يهتم الجمهور بسماعه والحديث فيه. بمعنى آخر، يجب على المتحدث باسم الحملة أن يولي احتياجات الناس ومشكلاتهم في المنطقة المستهدفة الأولوية وليس لعرض خام أو جامد لبرنامج الحملة الذي قد لا يعني المستمع في شئ.





  • ثاني هذه العناصر هي أن يتم المؤتمر بحضور أحد الشخصيات ذات الشعبية التي يثق فيها أهالي المنطقة المستهدفة بحيث يتناول في كلمته المطالب التي ينتظر أهالي المنطقة من المرشح تحقيقها أو تضمينها في برنامجه.





  • ثالث هذه العناصر هي أن يتم إفساح المجال والوقت الكافي للجمهور للتحدث عما يرونه جدير بالإصلاح أو التعديل في برنامج المرشح.





  • رابع هذه العناصر هي أن يكون هناك –داخل لجنة التسويق- مجموعة عمل خاصة مهمتها متابعة توصيات الجمهور وإدراجها ضمن خطة عمل المرشح بل والتواصل مع مقدمي هذه التوصيات ومحاولة إدراجهم ضمن فريق عمل الحملة.





  • خامس هذه العناصر هي أن تقوم لجنة المتطوعين –من خلال نموذج استمارة المتطوعين الموضح هنا- باستغلال مثل هذه المؤتمرات لبناء قاعدة بيانات دقيقة بأسماء الحضور من أجل التواصل معهم لاحقاً وتجنيد متطوعين جدد.





5- الإعلانات والمداخلات في المحطات الإذاعية: خاصة المحطات الإذاعية الترفيهية وإذاعات الأغاني التي يستمع إليها أغلب المصريون لمدة ساعات خلال زحام المواصلات سواء كان ذلك في سياراتهم الخاصة، في الميكروباصات، أو التاكسيات وهو ما يضمن وصول الدعاية إلى شرائح متعددة من الشعب المصري. وتتولى اللجنة الإعلامية مسؤولية هذه الأداة من خلال إعلانات قصيرة جداً يتم تمريرها خلال فترات الذروة أو من خلال الاتفاق مسبقاً مع محاوري البرامج الإذاعية التي تحظى بنسبة استماع عالية لاستضافة أحد المتحدثين باسم الحملة على أن يحرص أن يكون الحوار حول مبادئ وأهداف الحملة بشكل مبسط وقصير ويوضح طرق التطوع والتواصل مع أعضائها.






6- البريد الالكتروني: فبعد أن تكون اللجنة التقنية قد كونت قاعدة بيانات بالمشتركين في الموقع (من خلال قائمة المتابعين أو المسجلين للحصول على تحديثات الموقع) والمتابعين للحملة على صفحات الانترنت (فيسبوك، تويتر، يوتيوب)، يصبح التواصل مع هذه القاعدة وإبلاغها بمستجدات الحملة وخطط تحركها المستقبلية شيئاً يسيراً على ألا ننسى أن جمهور الفضاء الالكتروني لا يمثل غير شريحة محدودة من الجماهير.






7- البرامج الحوارية والفيديوهات الإعلانية على قنوات التلفزيون: وبموجب هذه الأداة تتولى اللجنة الإعلامية بشكل مبكر بقدر الإمكان وضع خريطة زمنية (أو جدول) لعدد مرات ظهور وتوقيتات ظهور المتحدثين باسم الحملة في المحطات الأرضية والفضائية وكذلك خريطة لعرض إعلانات الحملة في وسائل الإعلام المختلفة. ويجب المسارعة بحجز هذه المساحات قبل وقت كافي من بداية فترة الدعاية الانتخابية وقبل تكالب المنافسين الآخرين عليها مع اقتراب هذه الفترة.






8- أدوات أخرى : الملصقات والمنشورات الدعائية، المقالات في الصحف.











---------------------------------------------------






موضوعات أخرى ذات صلة:











  1. بعد 25 يناير، ازاي القوى السياسية الناشئة تستعد للانتخابات ؟





  2. 9 عناصر لا غنى عنها في فريق الدعاية الانتخابية




  3. اقتناص أصوات الناخبين حسب أقاليم مصر المختلفة