الاثنين، 12 أبريل 2010

الأمن الاجتماعي... سياسات عامة لفئات بلا مأوي- 2

يمكن الاطلاع على الجزء الاول من الاجتماع هنا


استرعى التوافد الجماهيري انتباه مسئولي المقاطعة لكن سرعان ما بدءوا في إعادة ترتيب القاعة بحيث تتسع لاستقبال عدد أكبر من الجماهير (وهم بالمناسبة إما ممن كانوا يخضعون لعلاج نفسي في فترة ما أو مازالوا يتلقون العلاج في الفترة الحالية بالإضافة إلى العديد ممن هم بلا مأوي أو سبق لهم في فترة من الفترات أن كانوا بلا مأوي)... وبينما أشاهد هذه الفئات -التي لا تعاني من أي بطحة لتحسس عليها بل تأتي لتطالب بحقوقها بكل ضراوة - بينما أشاهدها تتوافد، توافد على ذهني مشهدان اثنان :

أولها تفكير الحكومة المصرية في إلغاء العلاج على نفقة الدولة وثار في ذهني بالتحديد السؤال التالي: إلى من يتوجه المتضررين من مثل هذه المشاريع التي تمس الخدمات الاجتماعية، وإلى متي يظل المجتمع المدني والأحزاب في مصر منشغلين بالإصلاح السياسي دون الاجتماعي والاقتصادي ...

وثانيها قرار السيد وزير التجارة المصري (أو الاستثمار لا أتذكر) في وقت ما بإغلاق وكالة البلح وإيقاف استيراد الملابس المستعملة من الخارج –وهو القرار الذي لسبب ما لم يدخل حيز التنفيذ- مع ما تمثله هذه الوكالة من بديل اقتصادي لأسر كثيرة خاصة عندما يتحد موسم بدء الدراسة مع بداية رمضان أو العيد على الأسر التي تعيش تحت خط الفقر... قد يكون هذا المشهد قديم جداً (حيث كان من حوالي 10 سنوات مضت) وقد يكون هناك ما هو أحدث أو أكثر حيوية منه مثل قرار الحكومة الأحادي الجانب برفع سعر رغيف الخبز والسولار، إلا أن هذا المشهد بالذات هو الذي قفز إلى ذهني لأنه كان أول مشهد لفت نظري إلى قلة حيلة المواطن أمام قرارات الحكومة وعدم وجود أي آليات (حتى ولو سلمية) تسمح له بالاحتجاج على ما يمس حياته الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي يحصل عليها...

هيييييييييييه... عودة إذن إلى المواطنين الأمريكيين بلا مأوي الذين كفل لهم القانون حق الاحتجاج والتعبير عن الرأي الذي لم يكفله المشرع للمواطن المصري سواء كان بمأوي أو من غير...

بدأ الاجتماع في السادسة مساءاً واستمر قرابة الساعتين والنصف ... وكان مقرراً له في الأصل ساعتان لكن مداخلات المستهلكين – وهم هنا الـ "بلا مأوي" والخاضعون للعلاج النفسي- أخذت وقتاً إضافياً بحيث سمح لكل من أراد أن يقول كلمته أن يتكلم حتى ولو كان لمجرد التعبير عن الاستياء أو حتى لو تخللت مداخلته فترات من الصمت في محاولة لمنع نفسه من الانفجار في البكاء... بل وتحلت رئيسة الاجتماع بصبر تحسد عليه حتى انتهى الجميع من الكلام علماً بأن الاجتماع انتهي 8 ونصف مساءاً بعد يوم عمل طويل ...

أول بند في بنود الاجتماع كان قراءة مسئولي المقاطعة لعدد من القواعد التي ينبغي احترامها خلال الاجتماع وهي في أغلبها تتعلق بعدم استخدام ألفاظ لائقة واحترام جميع المتواجدين بالقاعة لبعضهم البعض ... ثم تلاها بند الإعلان عن أي تجمعات أو اجتماعات أخري (وهو بند يسمح خلاله للمستهلكين أيضاً بالإعلان عن أي تجمعات أو مجموعات ضغط أو مظاهرات ينوون القيام بها وهو ما حدث)... ثم جاء دور رئيسة الاجتماع لتشرح خطة المقاطعة للتغلب على العجز في الميزانية وأسباب هذا العجز ... وقد بدا عليها هي الأخرى الألم ليس لطول فترة عملها في هذا اليوم ولكن لأنني عندما علمت أنها فقدت زوجها منذ عدة سنوات إثر مرض النفسي أحسست بها تسمع كل شكوى وكل مداخلة من المستهلكين وكأن زوجها هو من يشتكي... (يتبع)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق