الثلاثاء، 26 أبريل 2011

اقتناص أصوات الناخبين في عشوائيات مصر ومحافظاتها

كنت قد تحدثت في تدوينة سابقة عن بعض الملامح الخاصة التي يمتاز بها الناخب المصري والآن أتحدث في هذه التدوينة عن كيفية مواءمة الأدوات الخام للدعاية الانتخابية مع هذه الطبيعة الخاصة للناخب المصري.

أولاً: فتش عن الصياد

عندما يقرر أحدهم الذهاب إلي رحلة صيد في منطقة مجهولة بالنسبة له، فإن اصطحاب أحد الصيادين الخبيرين بأحوال وطبيعة هذه المنطقة يصبح أمراً ضرورياً. وكذلك الحال فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية في مختلف المناطق الجغرافية: يجب على فريق الدعاية الاستعانة بأحد سكان المنطقة النشطين فيها والداري لطبيعتها ليكون هذا "الصياد" الذي سيساعد أعضاء الحملة على اقتناص أكبر عدد من أصوات الناخبين.

أين تجد الصياد ؟

لكن يبقى السؤال هو: كيف نجد هذا الصياد وما هي صفاته ؟ فلا يكفي أن يكون هذا الصياد أحد سكان المنطقة ليصبح صياداً جيداً وإنما يستحسن –لتعظيم المكاسب من الأصوات- أن تتوافر فيه احدي الشروط الإضافية التالية:






  1. أن يكون من زعامات المنطقة: ففي أي منطقة جغرافية هناك زعامات تقليدية (كبير العائلة، كبير القبيلة، العمدة، شيخ المجالس العرفية، شيوخ المساجد... إلخ) وزعامات حديثة (مسئولي الجمعيات الخيرية، قلة من السكان المتعلمين أو الجامعيين، الناشطين بالنقابات المهنية والعمالية... إلخ). ويعتبر الاتصال بهذه الزعامات والاستعانة بها مفتاحاً هاماً لاقتناص أصوات الناخبين في العديد من المناطق الجغرافية في مصر.


  2. أن يكون هو نفسه لديه شبكة علاقات واسعة مع أهالي المنطقة: فالجمعيات الخيرية العاملة في العديد من المناطق الفقيرة أو النوادي الثقافية والاجتماعية التي تقدم خدماتها في العديد من المناطق الراقية تمتلك قوائم طويلة بأعضائها يمكن أن يتم الاستفادة منها بشكل كبير للوصول لقاعدة أكبر من أصوات الناخبين.


  3. أن يكون من ذوي الثقة لأهالي المنطقة: فهناك عدد من الزعامات أو الجمعيات التي قد يستحسن الابتعاد عنها نظراً لسوء سمعتها أو لخلافاتها الكثيرة والمتكررة من العديد من الأطراف بالمنطقة.


صيادو الأصوات بالمناطق العشوائية

تكمن أحد المشاكل الرئيسية في المناطق الشعبية في عدم وجود أي خريطة جغرافية للمنطقة تمكن متطوعي الحملة من تقسيم المنطقة إلى عدة أقسام واستخدام أداة طرق الأبواب في تدريجياً في كل قسم منهم على حده. كما أن أي وجه جديد وغير مألوف في المناطق العشوائية عادة ما يتم رصده بسرعة ولا يتم التعامل معه بنفس اليسر الذي يتم به التعامل مع سكان المنطقة الأصليين.

لذلك تحضرني في هذا المقام تجربة رائدة لإحدى الجمعيات التنموية (جمعية صحبة خير) في منطقة اسطبل عنتر (بالقرب من المعادي) التي استطاعت بمساعدة "صيادي المنطقة" رسم خريطة جغرافية تقريبية للمنطقة (التي هي أشبه بالجبل المليء بالحواري الجانبية والممرات الضيقة) بل وتمكنت من التغلب على عنصر الريبة أو الشك التي قد يحيط بمتطوعيها من خلال اصطحاب "صيادي المنطقة" (الذين غالباً ما كانوا قلة من السكان المتعلمين الذين يحظون بثقة الأهالي) لدي كل جولة على بيوت المنطقة، ليس فقط من اجل الحديث مع السكان وتعريفهم بنشاط الجمعية وإنما أيضاً لإجراء أول استبيان يرصد بدقة الحالة الاجتماعية والاقتصادية للسكان ويرصد إمكاناتهم ومؤهلاتهم البشرية من أجل استغلالها في مشروع تنموي للنهوض بالمنطقة بالاعتماد الذاتي على جهود سكانها.

كما انه وبعيداً عن تجربة اسطبل عنتر، هناك فريق عمل ضخم ومتشعب يمكن الاعتماد عليه كـ"صياد للأصوات" في العديد من المناطق العشوائية في مصر والتي تضم (وان كانت لا تقتصر على) منطقة منشية ناصر وبولاق الدكرور وعزبة الهجانة ووراق العرب وذلك لتشعب علاقاته وقوتها مع العديد من سكان المنطقة... فريق العمل هذا هو فريق البرنامج المصري الألماني للتنمية بالمشاركة في حضر مصرThe Egyptian-German Participatory Development Programme in Urban Areas.


صيادو الأصوات بالمحافظات

إن كان فريق عمل "صحبة خير" قد قدم لنا نموذجاً فريداً وتجربة رائدة في التواصل الصحي مع سكان العشوائيات، فإن تجربة مشابهة للتواصل مع سكان المناطق الشعبية قد وسع نطاقها لتشمل أقاليم ومحافظات مصر الأخرى من خلال جمعية نهضة مصر المحروسة التي أسسها إيهاب عبده. وبالتالي فمن المهم جداً لمتطوعي الحملات الانتخابية عند قيامهم بحملات طرق الأبواب أو إقامتهم لمؤتمرات شعبية أو استخدامهم لأداة بنوك التليفون في محافظات محددة، أن يستعينوا بالانتشار الجغرافي المتوافر بالفعل لدي هذه الجمعيات من أجل الوصول لعدد أكبر من الناخبين.

وقد نضيف أيضاً على جمعية مصر المحروسة، الجمعيات التي تتميز بانتشارها الجغرافي الواسع في العديد من محافظات الجمهورية مثل جمعية رسالة وجمعية مصر الخير. كما يمكن الاستعانة بقاعدة البيانات التي أنشأها مشروع "مجتمعنا" بالجامعة الأمريكية -والذي يعمل كحلقة وصل بين مؤسسات المجتمع المدني في مختلف محافظات مصر- لتحقيق أكبر قدر من الانتشار الجغرافي.

ولا ينبغي أن يكون التواصل مع أهالي المناطق المستهدفة تواصل أحادي الجانب (بمعني أن يقتصر على تمرير رسالة الحملة للأهالي) وإنما ينبغي أن يكون في الاتجاهين بمعنى أنه في كل مرة قبل نزول المتطوعين إلى أي منطقة مستهدفة، يجب أن يتم تنظيم جلسات مطولة لهم مع العاملين بالجمعيات من أجل تفهم طبيعة المنطقة والمشاكل التي قد تعاني منها وذلك من أجل ثلاثة أغراض:





  • أولهما: هو معرفة ما ينبغي التركيز عليه من البرنامج الانتخابي عند مخاطبة الأهالي


  • ثانيها: معرفة خريطة القوي السياسية ونفوذ مرشحي التيارات الأخرى في هذه المناطق لتوضيح ما يتميز به مرشح الحملة عما يقدمه المرشحين الآخرين أصحاب النفوذ في هذه المنطقة


  • ثالثها: إدراج هذه الاحتياجات التي تمتاز بها المنطقة في ملف يستعين به المرشح فيما بعد عند تناوله لمشاكل هذه المنطقة أو إقامته لمؤتمر شعبي فيها.


صيادو الأصوات في الريف في مقابل المدن

يختلف ريف المحافظات عن مدنها في كون نسبة المشاركة والتصويت في الانتخابات في الريف أعلى منها في الحضر ويرجع ذلك لكون الخدمات تأتي بشكل أيسر في المدن أكثر منها في الريف حيث يعتبر المرشح البوسطجي الوحيد الذي سينقل الطلبات للمسئولين (1). كما تزداد صعوبة المعركة الانتخابية في الريف عنها في المدن حيث يستلزم فوز أي مرشح في المناطق الريفية مجهوداً مضاعفاً عن المجهود الذي يبذله أي مرشح آخر في منطقة غير ريفية. فوفقاً لأحد الدراسات أيضاً، لا يحتاج المرشح الواحد في المدن الكبرى سوى لـ 2000 أو 3000 صوت للفوز أو لضمان الدخول في الجولة الثانية بينما يحتاج مرشح الدوائر الريفية إلى 10.000 أو 15.000 صوت لتحقيق نفس النتيجة (2).

لذلك فينبغي أن يدرك متطوعي الحملات الانتخابية أن المجهود المطلوب منهم هو ضعف المجهود المطلوب من زملاءهم في المناطق الحضرية وأنه لا ينبغي الاعتماد فقط في هذه المناطق على الجمعيات وحدها بل عليهم الاستعانة بالإضافة على ذلك بالزعامات التقليدية مثل كبراء العائلات والعشائر (خاصة في الصعيد حيث يزداد دورهم ونفوذهم كما أوضحت في تدوينة سابقة) أو شيوخ المجالس العرفية وشيوخ المساجد.



-------------------------------------------------------------





مراجع:
(1) سارة بن نفيسة وعلاء الدين عرفات، الانتخابات والزبائنية السياسية في مصر، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 2005، ص 47.

(2) نفس المرجع السابق.



-----------------------------------------------------------



موضوعات اخرى ذات الصلة:







هناك تعليق واحد:

  1. عرفت بمدونتك يا مروة عن طريق بوست لناشط اسمه أحمد بدوي، موضوع جميل ومدونة أجمل وشرحتي جوانب مهمة في التسويق السياسي الفعليField

    أنا في الحقيقة كانت عندي خاطرة كده نشرتها (كانت أصلا ايميل بعته لحملة الدكتور البرادعي):
    http://notEGpresident.blogspot.com/2011/01/my-message-to-drelbaradei-sent-july.html
    الخاطرة جزء منها هو ليه انتخابات اتحاد الملاك أنا مش راصد اهتمام كبير بيها بين سكان العقارات المختلفة، هل ده ليه تفسير معين، رغم أن اتحادات الملاك بتكون في المدن والحواضر الكبرى كالقاهرة والإسكندرية مثلا وقاطنوها يفترض لديهم ثقافة الاهتمام بالعمارة أو المنشأة.

    ردحذف